المسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
قال تعالى:(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)(110) سورة آل عمران
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ فِي الوُجُودِ،لأنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ إِيمَاناً صَادِقاً بِاللهِ،وَيَظْهَرُ أثَرُهُ فِي نُفُوسِهِمْ،فَيَنْزِعُهُمْ عَنِ الشَّرِّ،وَيَصْرِفُهُمْ إلَى الخَيْرِ،فَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ،وَيَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرَاتِ وَمَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الظُّلْمِ وَالبَغْي .
وَلَوْ آمَنَ أهْلُ الكِتَابِ إِيمَاناً صَحِيحاً يَسْتَوْلي عَلَى النُّفُوسِ،وَيَمْلِكُ أَزِمَّةِ القُلُوبِ فَيَكُونُ مَصْدَرَ الفَضَائِلِ وَالأَخْلاَقِ الحَسَنَةِ،كَمَا تُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ،أَيُّها المُسْلِمُونَ،لَكَانَ ذَلِكَ خَيْراً لَهُمْ مِمَّا يَدَّعُونَهُ مِنْ إِيمَانٍ لاَ يَزَعُ النُّفُوسَ عَنِ الشُّرُورِ،وَلا يُبْعِدُهَا عَنِ الرَّذَائِلِ.وَبَيْنَ أهْلِ الكِتَابِ جَمَاعَةٌ مُؤْمِنُونَ مُخْلِصُونَ فِي إيمَانِهِمْ،وَلَكِنّ أكْثَرَهُمْ فَاسِقُونَ عَنْ دِينِهِمْ،مُتَمَرِّدُونَ فِي الكُفْرِ .( أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 403))
وقال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(104) سورة آل عمران
لِتَكُنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ جَمَاعَةٌ مُتَخَصِّصَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ تَعْرِفُ أَسْرَارَ الأَحْكَامِ،وَحِكْمَةَ التَّشْرِيعِ وَفِقْهَهُ،تَتَولَّى القِيَامَ بِالدَّعْوَةِ إلى الدِّين،وَتَأمُرُ بِالمَعْروفِ،وَتُحَارِبُ المُنْكَرَ،وَتَنْهَى عَنْهُ،وَمِنْ وَاجِبِ كُلِّ مُسْلِمِ أنْ يُحَارِبَ المُنْكَرَ مَا اسْتَطَاعَ إلى ذَلِكَ،وَهَؤُلاءِ هُمُ الفَائِزُونَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ . (أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 397))
وقال تعالى:(لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)) (آل عمران:113 – 115)
ليس أهل الكتاب متساوين:فمنهم جماعة مستقيمة على أمر الله مؤمنة برسوله محمد يقومون الليل مرتلين آيات القرآن الكريم،مقبلين على مناجاة الله في صلواتهم.يؤمنون بالله واليوم الآخر،ويأمرون بالخير كله،وينهون عن الشر كلِّه،ويبادرون إلى فعل الخيرات،وأولئك مِن عباد الله الصالحين.
وأيُّ عمل قلَّ أو كَثُر من أعمال الخير تعمله هذه الطائفة المؤمنة فلن يضيع عند الله،بل يُشكر لهم،ويجازون عليه. والله عليم بالمتقين الذين فعلوا الخيرات وابتعدوا عن المحرمات; ابتغاء رضوان الله،وطلبًا لثوابه.( التفسير الميسر - (1 / 412))
وقال تعالى:(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (71) سورة التوبة
المُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَيْنَهُمْ أُخُوَّةٌ،وَمَوَدَّةٌ،وَتَعَاوُنٌ،وَتَرَاحُمٌ،وَيَ تَّصِفُونَ بِالصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ التِي يَأْمُرُهُمْ بِهَا دِينُهُمْ:فَيَتَنَاصَرُونَ وَيَتَعَاضَدُونَ وَيَفْعَلُونَ الخَيْرَ،وَيَأْمُرُونَ بِهِ،وَيَنْتَهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ،وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤَدُّونَهَا حَقَّ أَدَائِهَا،وَيُؤَدُّونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا،وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَ،وَيَتْرُكُونَ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ.وَالمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الطَّيِّبَةِ الْكَرِيمَةِ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَاللهُ عَزِيزُ الجَانِبِ،يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ،وَهُوَ حَكِيمٌ فِي قِسْمَتِهِ الصِّفَاتِ بَيْنَ خَلْقِهِ،فَجَعَلَ المُؤْمِنِينَ يَخْتَصُّونَ بِالصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ،وَالمُنَافِقِينَ يَخْتَصُّونَ بِالصِّفِاتِ الذَمِيمَةِ المُنْكَرَةِ .( أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1307))
وقال تعالى :(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) )(التوبة:111-112)
يُرَغِّبُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ فِي الجِهَادِ،وَيُخْبِرُهُمْ بِأَنَّهُ سَيُعَوِّضُ المُؤْمِنِينَ بِالجَنَّةِ عَنْ بَذْلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ،لِتَكُونَ كَلِمَةَ اللهِ هِيَ العُلْيَا،وِلإِحْقَاقِ الحَقِّ،وَإِقَامَةِ العَدْلِ فِي الأَرْضِ،فَهُمْ حِينَ يُجَاهِدُونَ يَقْتُلُونَ أَعْدَاءَهُمْ،وَيُقْتَلُونَ هُمْ،وَهُمْ فِي كِلاَ الحَالَيْنِ مُثَابُونَ عَلَى ذَلِكَ.وَقَدْ وَعَدَ اللهُ عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ بِهَذَا الجَزَاءِ الحَقِّ،وَجَعَلَهُ حَقّاً عَلَيهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ .
ثُمَّ يَدْعُو اللهُ تَعَالَى مَنِ التَزَمَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِعَهْدِهِ للهِ إِلَى الاسْتِبْشَارِ بِذَلِكَ الفَوْزِ العَظِيمِ،وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ،لأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَفَاءً بِالْعَهْدِ،وَلاَ أَكْثَرَ مِنْهُ التِزَاماً بِالوَعْدِ الذِي يَقْطَعُهُ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ،وَلَيْسَ هُنَاكَ رِبْحٌ أَكْبَرُ مِنَ الرّبِحِ الذِي يُحَقّقُهُ المُؤْمِنُونَ فِي هَذِهِ الصَّفْقَةِ .
وَهُنَا يُعَدِّدُ اللهُ تَعَالَى صِفَاتِ المُؤْمِنِينَ الذِينَ اشْتَرَى مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِالجَنَّةِ،وَهُمُ:التَّائِبُونَ مِنْ الذُّنُوبِ كُلِّها،التَّارِكُونَ لِلْفَوَاحِشِ،القَائِمُونَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ،وَالمُحَافِظُونَ عَلَيهَا،وَالحَامِدُ نَ للهِ عَلَى نِعَمِهِ وَأَفْضَالِهِ،السَّائِحُونَ فِي الأَرْضِ،لِلاعْتِبَارِ وَ الاسْتِبْصَارِ بِمَا خَلَقَ اللهُ مِنَ العِبَرِ وَ الآيَاتِ،( وَقِيلَ أَيْضاً إِنَّ مَعْنَى السَّائِحِينَ هُنَا الصَّائِمُونَ ) وَالمُصَلُّونَ.وَهُمْ مَعْ ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْعَوْنَ فِي نَفْعِ خَلْقِ اللهِ،وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى طَاعَتِهِ،بِأَمْرِهِمْ بِالمَعْرُوفِ،وَنَهِيهِمْ عَنِ المُنْكَرِ،مَعَ العِلْمِ بِمَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ،وَيَجِبُ تَرْكَهُ طَاعَةً للهِ ( أَيْ إِنَّهُمْ يَحْفَظُونَ حُدُودَ اللهِ ).وَيُبَشِّرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ المُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الكَرِيمَةِ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .( أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1347))
وقال تعالى:)يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (17) سورة لقمان
وقال تعالى:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )(90) سورة النحل
وعَنْ عَائِشَةَ،قَالَتْ:دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ أَنْ قَدْ حَضَرَهُ شَيْءٌ،فَتَوَضَّأَ،وَمَا كَلَّمَ أَحَدًا،ثُمَّ خَرَجَ،فَلَصِقْتُ بِالْحُجْرَةِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُ،فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ،فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ،إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لَكُمْ:مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ،وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،قَبْلَ أَنْ تَدْعُونِي،فَلاَ أُجِيبُكُمْ،وَتَسْأَلُونِي فَلاَ أُعْطِيكُمْ،وَتَسْتَنْصِرُونِي فَلاَ أَنْصُرُكُمْ،فَمَا زَادَ عَلَيْهِنَّ حَتَّى نَزَلَ)( صحيح ابن حبان - (1 / 526) (290) صحيح)
وعَنْ عَائِشَةَ،قَالَتْ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:(مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ،وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلاَ يُسْتَجَابَ لَكُمْ)( سنن ابن ماجة- طبع مؤسسة الرسالة - (5 / 139) (4004) صحيح)
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أُدُمٍ حَمْرَاءَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلا،فَقَالَ:(إِنَّهُ مَفْتُوحٌ لَكُمْ،وَأَنْتُمْ مَنْصُورُونَ،مُصِيبُونَ،فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ،فَلْيَتَّقِ اللَّهَ،وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ،وَلْيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ،وَمَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ،كَمَثَلِ الْبَعِيرِ يَتَرَدَّى،فَهُوَ يَمُدُّ بِذَنَبِهِ )(المستدرك للحاكم (7275) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ،قَالَ:انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ،قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: (مِنْ أَدَمٍ،فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً،فَقَالَ:إِنَّكُمْ مَفْتُوحٌ عَلَيْكُمْ،مَنْصُورُونَ،وَمُصِيبُونَ،فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ،فَلْيَتَّقِ اللَّهَ،وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ،وَلْيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ،مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا،فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ،وَمَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ،كَمَثَلِ بَعِيرٍ رُدِّيَ فِي بِئْرٍ،فَهُوَ يَنْزِعُ مِنْهَا بِذَنَبِهِ)(مسند أحمد (عالم الكتب) - (2 / 68)(3801) حسن)
وقال أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ:أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ،فَقُلْتُ:يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كَيْفَ تَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)(105) سورة المائدة؟
قَالَ:أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا:سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ فقَالَ: (بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا،وَهَوًى مُتَّبَعًا،وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً،وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ،فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ،وَدَعْ أَمْرَ الْعَوَامِّ،فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا،الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ،لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ،قَالَ وَزَادَنِي غَيْرُهُ يَا رَسُولَ اللهِ،أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟ قَالَ:خَمْسِينَ مِنْكُمْ)(صحيح ابن حبان - (2 / 109) (385) حسن)
وعَنْ أَبِي حَكِيمٍ،حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَارِثَةَ اللَّخْمِيُّ،أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ،قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ،فَقُلْتُ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ،كَيْفَ تَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) (المائدة: 105)فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ سَأَلْتُ عَنْهَا خَبِيرًا،سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: "بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ،وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا،وَهَوًى مُتَّبَعًا،وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً،وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ،فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ وَدَعْ أَمْرَ الْعَوَامِّ،فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ،الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ،لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ "،قَالَ: وَأَخْبَرَنِي غَيْرُهُ،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ،أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ،قَالَ:"أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ " (شعب الإيمان - (12 / 201)(9278 ) حسن)
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّقَالُوا لِلنَّبِىِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ " أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ" أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ »( صحيح مسلم- المكنز - (2376 )- الدثور : جمع دثر وهو المال العظيم)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :" إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ،كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ،فَيَقُولُ:يَا هَذَا،اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ،فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ،ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ،فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ،فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ "ثُمَّ قَالَ:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)) [المائدة:78 - 81]ثُمَّ قَالَ:(كَلَّا وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ،وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا،وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا) "(سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ(3834 ) حسن - ولتأطرنه: أي لتردنه إلى الحق ولتعطفنه عليه.
وهو من رواية أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود ولم يسمع مِن أبيه ولكنه كَانَ أعلم بحديث أبيه مِن حنيف بن مالك ونظرائه كما قال الدارقطنى ، وأخذ أحاديث أبيه عن أمه زينب الثقفية خاصة ومسروق ، راجع التهذيب 5/75-76 وقال ابن المدينى فِى حديث يرويه أبى عبيدة عن أبيه : هو منقطع ، وهو حديث ثبت وقال يعقوب بن شيبة : إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبى عبيدة عن أبيه فِى المسند - يعنى فِى الحديث المتصل - لمعرفة أبى عبيدة بحديث أبيه وصحتها ، وأنه لَمْ يأت فيها بحديث منكر 1هـ شرح العلل لابن رجب 1/298 وأنكر الألبانى فِى ضعيفته (1105) على الترمذى تحسينه لهذا الحديث ، وزعم أنه من تساهله الذى عُرف به ! ! والحق مع الترمذى كما ترى)
وعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ فَرُّوخَ؛انَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: (إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِى ادَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلاثِمَائَةِ مَفْصِلٍ.فَمَنْ كَبَّرَ اللَّه،وَحَمِدَ اللَّه،وَهَلَّلَ اللَّهَ،وَسَبَّحَ اللَّهَ،وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ،وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ،اوْ شَوْكَةً اوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ،وَامَرَ بِمَعْرُوفٍ،اوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ،عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلاثِمِائَةِ السُّلامَى فَإِنَّهُ يَمْشِى يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ)( صحيح مسلم- المكنز - (2377 ))
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:"إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ،وَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَاهْدُوا السَّبِيلَ،وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ،وَرُدُّوا السَّلَامَ،وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ،وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ" (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ(صحيح البخارى- المكنز - (2465 ) وشعب الإيمان - (11 / 359)(8665))
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ :(تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ لَكَ،وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ،وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ،وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلَةِ لَكَ صَدَقَةٌ،وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ،وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ،وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ)( صحيح ابن حبان - (2 / 287) (529) صحيح)
وعَنْ مَالِكِ بن مَرْثَدٍ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:قَالَ أَبُو ذَرٍّ قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ ؟ قَالَ:(الإِيمَانُ بِاللَّهِ،قُلْتُ:يَا نَبِيَّ اللَّهِ،إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلٌ،قَالَ:يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ،قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا،لا يَجِدُ مَا يُرْضَخُ بِهِ ؟ قَالَ:يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ،وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ،قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَيِيًّا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ،وَلا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ قَالَ:يَصْنَعُ لأَخْرَقَ،قُلْتُ:أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَخْرَقَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ شَيْئًا ؟ قَالَ:يُعِينُ مَغْلُوبًا،قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا،لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا ؟ فَقَالَ:مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ فِي صَاحِبِكَ،مِنْ خَيْرٍ تُمْسِكُ الأَذَى،عَنِ النَّاسِ،فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ:مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَفْعَلُ خَصْلَةً مِنْ هَؤُلاءِ،إِلا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ)( المعجم الكبير للطبراني - (2 / 213) (1627) صحيح لغيره)
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ:جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّفَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،عَلِّمْنِي عَمَلاً يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ،فَقَالَ:(لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ،لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ،أَعْتِقِ النَّسَمَةَ،وَفُكَّ الرَّقَبَةَ.فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،أَوَلَيْسَتَا بِوَاحِدَةٍ ؟ قَالَ:لاَ،إِنَّ عِتْقَ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا،وَفَكَّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي عِتْقِهَا،وَالْمِنْحَةُ الْوَكُوفُ،وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ،فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ،فَأَطْعِمِ الْجَائِعَ،وَاسْقِ الظَّمْآنَ،وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ،وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ،فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ،فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلاَّ مِنَ الْخَيْرِ)( مسند أحمد (عالم الكتب) - (6 / 351)(18647) 18850- صحيح)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ :(مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَلَهُ بِطَانَتَانِ:بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً،فَمَنْ وُقِيَ شَرَّهَا فَقَدْ وُقِيَ)( صحيح ابن حبان - (14 / 70) (6191) صحيح)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،عَنْ رَسُولِ اللهِ قَالَ:(مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ،وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ،بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ،وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ،وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ) ( صحيح البخارى- المكنز - (7198 ) وصحيح ابن حبان - (6192))
وعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ،أَنَّ النَّبِيَّقَالَ:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ،وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ،أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ،ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمْ) ( مسند أحمد (عالم الكتب) - (7 / 708)(23301) 23690- صحيح)
وعَنْ عَامِرٍ،قَالَ:سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،عَنِ النَّبِيِّ قَالَ:(مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا،كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ،فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا،وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا،فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ،فَقَالُوا:لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا،وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا،فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا،وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا)( صحيح البخارى- المكنز - (2493 ) وصحيح ابن حبان - (1 / 532) (297))
وعَنِ الشَّعْبِيِّ ،عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ،قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:(الْمُدَاهِنُ فِي حُدُودِ اللهِ،وَالرَّاكِبُ حُدُودَ اللهِ،وَالآمِرُ بِهَا،وَالنَّاهِي عَنْهَا،كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا فِي سَفِينَةٍ مِنْ سُفُنِ الْبَحْرِ،فَأَصَابَ أَحَدُهُمْ مُؤَخَّرَ السَّفِينَةِ وَأَبْعَدَهَا مِنَ الْمِرْفَقِ،وَكَانُوا سُفَهَاءَ،وَكَانُوا إِذَا أَتَوْا عَلَى رِجَالِ الْقَوْمِ آذَوْهُمْ،فَقَالُوا:نَحْنُ أَقْرَبُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنَ الْمِرْفَقِ وَأَبْعَدُهُمْ مِنَ الْمَاءِ،فَتَعَالَوْا نَخْرِقْ دَفَّ السَّفِينَةِ ثُمَّ نَرُدَّهُ إِذَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ،فَقَالَ مَنْ نَاوَأَهُ مِنَ السُّفَهَاءِ:افْعَلْ. فَأَهْوَى إِلَى فَأْسٍ لِيَضْرِبَ بِهَا أَرْضَ السَّفِينَةِ،فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ رُشَيْدٌ فَقَالَ:مَا تَصْنَعُ ؟ فَقَالَ:نَحْنُ أَقْرَبُكُمْ مِنَ الْمِرْفَقِ وَأَبْعَدُكُمْ مِنْهُ،أَخْرِقُ دَفَّ السَّفِينَةِ،فَإِذَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ سَدَدْنَاهُ،فَقَالَ:لاَ تَفْعَلْ،فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ تَهْلِكُ وَنَهْلِكُ) ( صحيح ابن حبان - (1 / 533) (298) صحيح)
وعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ،أَنَّهُ نَادَى مُعَاوِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ فَقَالَ:"يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّمَا أَنْتَ قَبْرٌ مِنَ الْقُبُورِ إِنْ جِئْتَ بِشَيْءٍ كَانَ لَكَ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ تَجِئْ بِشَيْءٍ فَلَا شَيْءَ لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ لَا تَحْسَبَنَّ الْخِلَافَةَ جَمْعَ الْمَالِ،وَتَفْرِقَتَهُ وَلَكِنَّ الْخِلَافَةَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ وَالْقَوْلُ بِالْمَعْدَلَةِ،وَأَخْذُ النَّاسِ فِي ذَاتِ اللَّهِ،يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّا لَا نُبَالِي بِكَدَرِ الْأَنْهَارِ وَمَا صَفَتْ لَنَا رَأْسُ عَيْنِنَا وَإِنَّكَ رَأْسُ أَعْيُنِنَا،يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّكَ إِنْ تَحِفْ عَلَى قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ يَذْهَبُ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ،فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُسْلِمٍ مَقَالَتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ:" يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ" (الزُهْدُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (2351 ) فيه جهالة)
وقال الْأَصْمَعِيُّ:"دَخَلَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ وَحَوَالَيْهِ الْأَشْرَافُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ،وَذَلِكَ بِمَكَّةَ فِي وَقْتِ حَجِّهِ فِي خِلَافَتِهِ،فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ قَامَ إِلَيْهِ،فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ،وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ،وَقَالَ لَهُ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ! حَاجَتُكَ ؟ فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! اتَّقِ اللهَ فِي حَرَمِ اللهِ وَحَرَمِ رَسُولِهِ؛فَتَعَاهَدَهُ بِالْعِمَارَةِ،وَاتَّقِ اللهَ فِي أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؛فَإِنَّكَ بِهِمْ جَلَسْتَ هَذَا الْمَجْلِسَ،وَاتَّقِ اللهَ فِي أَهْلِ الثُّغُورِ؛فَإِنَّهُمْ حِصْنٌ لِلْمُسْلِمِينَ،وَتَفَقَّدْ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ؛فَإِنَّكَ وحدك المسؤول عَنْهُمْ،وَاتَّقِ اللهَ فِيمَنْ عَلَى بَابِكَ؛فَلَا تَغْفُلْ عَنْهُمْ وَلَا تُغْلِقْ دُونَهُمْ بَابَكَ.فَقَالَ لَهُ:أَفْعَلُ.ثُمَّ نَهَضَ وَقَامَ؛فَقَبَضَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ،فَقَالَ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ! إِنَّمَا سَأَلْتَ حَوَائِجَ غَيْرِكَ وَقَدْ قَضَيْنَاهَا؛فَمَا حَاجَتُكَ ؟ فَقَالَ:ما لي إِلَى مَخْلُوقٍ حَاجَةٌ.ثُمَّ خَرَجَ.فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ:هَذَا وَأَبِيكَ الشَّرَفُ،هَذَا وَأَبِيكَ السُّؤْدُدُ ." ( المجالسة وجواهر العلم - (2 / 185)(305 ) فيه انقطاع)
المعروف لغة:
المعروف: كالعرف وهو ما تعرفه النّفس من الخير وتطمئنّ إليه،وقوله تعالى: (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)(لقمان/ 5) أي مصاحبا معروفا،قال الزّجّاج: المعروف هنا ما يستحسن من الأفعال.
وقوله- عزّ وجلّ-: (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) (المرسلات/ 1) قال بعض المفسّرين فيها: إنّها (الملائكة) أرسلت بالعرف والإحسان،وقيل: هو مستعار من عرف الفرس أي يتتابعون كعرف الفرس.
والعرف،والمعروف واحد ضدّ النّكر. وقد تكرّر ذكر المعروف في الحديث،وهو من الصّفات الغالبة أي أمر معروف بين النّاس إذا رأوه لا ينكرونه. والمعروف:
النّصفة وحسن الصّحبة مع الأهل وغيرهم من النّاس،والمنكر ضدّ ذلك جميعه(الصحاح للجوهري (2/ 837). ولسان العرب لابن منظور (9/ 239، 241).)
المنكر لغة:
النّكر والنّكراء:الدّهاء والفطنة. ورجل نكر ونكر ونكر ومنكر من قوم مناكير: داه فطن. وامرأة نكراء،ورجل منكر داه،والإنكار: الجحود. والنّكرة:
إنكارك الشّي ء،وهو نقيض المعرفة. قال ابن سيده:
والصّحيح أنّ الإنكار المصدر والنّكر الاسم. وفي التّنزيل العزيز:(نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَة)(هود/ 70).
والإنكار:الاستفهام عمّا ينكره. والاستنكار: استفهامك أمرا تنكره.
والمنكر من الأمر:خلاف المعروف،وقد تكرّر في الحديث الإنكار والمنكر،وهو ضدّ المعروف،وكلّ ما قبّحه الشّرع وحرّمه وكرهه،فهو منكر،واستنكره فهو مستنكر،والجمع مناكير. والنّكير والإنكار: تغيير المنكر.( لسان العرب 5/ 232- 233.)
المعروف اصطلاحا:
اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه والتّقرّب إليه،والإحسان إلى النّاس،وكلّ ما ندب إليه الشّرع،ونهى عنه من المحسّنات والمقبّحات.
والمنكر اصطلاحا:
كلّ ما قبّحه الشّرع وحرّمه ونهى عنه (المرجع السابق (233).)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اصطلاحا:
قال الجرجانيّ:الأمر بالمعروف: هو الإرشاد إلى المراشد المنجّية.
والنّهي عن المنكر:الزّجر عمّا لا يلائم في الشّريعة.
وقيل: الأمر بالمعروف الدّلالة على الخير.
والنّهي عن المنكر:المنع عن الشّرّ.
وقيل:الأمر بالمعروف:أمر بما يوافق الكتاب والسّنّة.
والنّهي عن المنكر: نهي عمّا تميل إليه النّفس والشّهوة.
وقيل:الأمر بالمعروف:الإشارة إلى ما يرضي اللّه تعالى من أقوال العبد وأفعاله.والنّهي عن المنكر: تقبيح ما تنفّر عنه الشّريعة والعفّة وهو ما لا يجوز في شرع اللّه تعالى(التعريفات (37).).
منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال النّوويّ- رحمه اللّه-:اعلم أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر قد ضيّع أكثره من أزمان متطاولة،ولم يبق منه في هذه الأزمان إلّا رسوم قليلة جدّا،وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه،وإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصّالح والطّالح،وإذا لم يأخذوا على يد الظّالم أوشك أن يعمّهم اللّه تعالى بعقابه (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (النور/ 63).فينبغي لطالب الآخرة،والسّاعي في تحصيل رضا اللّه- عزّ وجلّ- أن يعتني بهذا الباب؛ فإنّ نفعه عظيم لا سيّما وقد ذهب معظمه،وعلى الآمر بالمعروف أن يخلص نيّته ولا يهابنّ من ينكر عليه لارتفاع مرتبته لأنّ اللّه تعالى قال:(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)(الحج/ 40) وقال تعالى:(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (آل عمران/ 101) وقال تعالى:(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (العنكبوت/ 69) وقال تعالى:(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (العنكبوت/ 2- 3)واعلم أنّ الأجر على قدر النصب ولا يتركه أيضا لصداقته ومودّته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه،فإنّ صداقته ومودّته توجب له حرمة وحقّا،ومن حقّه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته،وينقذه من مضارّها،وصديق الإنسان،ومحبّه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدّى ذلك إلى نقص في دنياه،وعدوّه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته،وإن حصّل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه.وإنّما كان إبليس عدوّا لنا لهذا،وكانت الأنبياء- صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين- أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها،ونسأل اللّه الكريم توفيقنا وتوفيق أحبابنا وسائر المسلمين لمرضاته. وينبغي للآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب،فقد قال الإمام الشّافعيّ- رحمه اللّه-: "من وعظ أخاه سرّا فقد نصحه وزانه،ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه» (صحيح مسلم بشرح النووي (2/ 24).)ثمّ إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض النّاس سقط الحرج عن الباقين،وإذا تركه الجميع أثم الكلّ ممّن تمكّن منه بلا عذر ولا خوف. ثمّ إنّه قد يتعيّن كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلّا هو أو لا يتمكّن من إزالته إلّا هو وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف.
قال العلماء- رحمهم اللّه-:"لا يسقط عن المكلّف الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنّه،بل يجب عليه عليه الأمر والنّهي لا القبول،وكما قال اللّه عزّ وجلّ: (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ)(المائدة/ 99) ومثّل العلماء هذا بمن يرى إنسانا في الحمّام أو غيره مكشوف بعض العورة ونحو ذلك،قال العلماء: لا يشترط في الآمر والنّاهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه بل عليه الأمر،وإن كان مخلّا بما يأمر به،والنّاهي وإن كان متلبّسا بما ينهى عنه،فإنّه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه وينهاها،ويأمر غيره وينهاه،فإذا أخلّ بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر"
قال العلماء:ولا يختصّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر بأصحاب الولايات؛ بل ذلك جائز لآحاد المسلمين.
قال إمام الحرمين:والدّليل عليه إجماع المسلمين،فإنّ غير الولاة في الصّدر الأوّل،والعصر الّذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر مع تقرير المسلمين إيّاهم وترك توبيخهم على التّشاغل بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من غير ولاية. ثمّ إنّه إنّما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه،وذلك يختلف باختلاف الشّي ء،فإن كان من الواجبات الظّاهرة والمحرّمات المشهورة كالصّلاة والصّيام والزّنا والخمر ونحوها،فكلّ المسلمين علماء بها،وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال وممّا يتعلّق بالاجتهاد لم يكن للعوامّ مدخل فيه ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء،ثمّ العلماء إنّما ينكرون ما أجمع عليه،أمّا المختلف فيه فلا إنكار فيه(صحيح مسلم بشرح النووي (2/ 23))
قال الإمام أبو حامد الغزاليّ- رحمه اللّه-: "إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدّين،وهو المهمّ الّذي ابتعث اللّه له النّبيّين أجمعين،ولو طوي بساطه،وأهمل علمه وعمله لتعطّلت النّبوّة،واضمحلّت الدّيانة،وعمّت الفترة(الفترة: هي السكون بعد الحدّة، والهدوء بعد الشّدّة.)وفشت الضّلالة،وشاعت الجهالة،واستشرى الفساد،واتّسع الخرق،وخربت البلاد،وهلك العباد،ولم يشعروا بالهلاك إلّا يوم التّناد،وقد كان الّذي خفنا،فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون،إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه،وانمحق بالكلّيّة حقيقته ورسمه،فاستولت على القلوب مداهنة الخلق وانمحت عنها مراقبة الخالق،واسترسل النّاس في اتّباع الهوى والشّهوات استرسال البهائم،وعزّ (عزّ: قلّ)على بساط الأرض مؤمن صادق لا تأخذه في اللّه لومة لائم،فمن سعى في تلافي هذه الفترة،وسدّ هذه الثّلمة إمّا متكفّلا بعملها أو متقلّدا لتفنيدها مجدّدا لهذه السّنّة الدّاثرة ناهضا بأعبائها ومتشمّرا في إحيائها كان مستأثرا من بين الخلق بإحياء سنّة أفضى الزّمان إلى إماتتها،ومستبدّا بقربة تتضاءل درجات القرب دون ذروتها(إحياء علوم الدين للغزالي (2/ 306)).
من فوائد (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - (3 / 539))
(1) دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام.
(2) الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر صمام أمن الحياة وضمان سعادة الفرد والمجتمع.
(3) يثبّت معاني الخير والصّلاح في الأمّة.
(4) يزيل عوامل الشّرّ والفساد من حياتها ويقضي عليها أوّلا فأوّلا حتّى تسلم الأمّة وتسعد.
(5) يهيّأ الجوّ الصّالح الّذي تنمو فيه الآداب والفضائل وتختفي فيه المنكرات والرّذائل ويتربّى في ظلّه الضّمير العفيف والوجدان اليقظ.
(6) يكوّن الرّأي العامّ المسلم الحرّ الّذي يحرس آداب الأمّة وفضائلها وأخلاقها وحقوقها ويجعل لها شخصيّة وسلطانا هو أقوى من القوّة وأنفذ من القانون.
(7) يبعث الإحساس بمعنى الأخوّة والتّكافل والتّعاون على البرّ والتّقوى واهتمام المسلمين بعضهم ببعض.
(8) هو سبب النّجاة في الدّنيا والآخرة.
(9) هو سرّ أفضليّة هذه الأمّة. لقوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران/ 110).
(10) هو سبب للنّصر والتّمكين في الدّنيا.