عقبات في طريق العودة
أريد أن أتوب ولا أستطع
لا أستطع أن أُقلع عن هذا الذنب
أظل طوال الليل أناجي ربي ودموعي على وجنتي
وعندما أُصبح أعود مرة أخرى
إلى مألوفاتي وعاداتي ولا أتغير
يئست من نفسي
عملت العديد من المحاولات واستمعت للعديد من الدروس
وحاولت أن استغفر وأُطهّر قلبي
ومازلت لا أستطع أن أتّغير
أين هى المشكلة ؟
ولماذا لا أستطع أن أُغيّر من نفسي إلى الأحسن ؟!
تعالوا نعرف أسباب هذه المشكلة
لكي نجد الحل لهذا الداء
و إذا عُرف السبب بطُل العجب
المشكلة الأولى : أنت لا تُريد أن تتغير فقلبك معلق بالذنب
من المستحيل أن تتغير طالما في قلبك ركون للذنب
قال الفضيل بن عياض
" إذا لم تقدر على صيام النهار ولا قيام الليل بالليل فاعلم أنك محروم كبلتك خطاياك "
لابد أن تكره الذنب
يجب أن تعلم أن كل النكد والهمّ والغمّ والتعسير
وكل المشاكل التى فى حياتك سببها هذا الذنب الذي بداخل قلبك
ولن تستطيع إخراجه من قلبك إلا إذا لجأت إلى الله سبحانه
فعليك بالدعاء
" اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب
اللهم أنقني من خطاياي كالثوب الأبيض من الدنس
اللهم اغسلني بالثلج والماء والبرد "
لا تستهن بأي ذنب مهما كان في نظرك صغيرًا
قال الأوزاعي في شعب الإيمان
" كان يقال من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره "
المشكلة الثانيـة : كثرة المبررات
فهناك من يتحجج بإنه لم ينشأ في أسرة ملتزمة
أو بكثرة الفتن من حوله أو أو
طالما إنك تتحجج بهذه المبررات فلن تتغير
فالاعتراف أصل وركن من أركان التوبة
قال صلى الله عليه وسلم لأمنا عائشة
" إن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه "
متفق عليه
وهذه هي حكمة دعاء سيد الاستغفار الاعتراف بالذنب
" أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي "
المشكلة الثالثة : الفهم الخاطيء
لقد تربينا على الفهم الخطأ للدين
على إنه سجن وفلسفة المجتمع تقول ذلك
فالدين لن يجعلك تستمع بحياتك لأن كل شيء حرام
ومقياس النجاح عندنا هو الشهادة والمستوى الثقافي
وأقصى ما تتمناه أنت وأهلك لنفسك
هو أن يكون لك مركز مرموق في المجتمع
لم نتربى على أن أهم أمر في حياتنا
أن يكون لنا اسم وحال عند الله تعالى
وهذا يخلق لديك صراع ما بين
عادات المجتمع التي تربيت عليها
وبين ما بدأت تعرفه وتفهمه عن دينك
مما يجعل قدمك ثقيلة في الطريق فلا تستطع أن تأخذ القرار
وهنا نحن بحاجة إلى أن نُربي أنفسنا
كما ربّى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة
فقد كانوا يعيشون في الجاهلية وعبادة الأصنام
وفعل الموبقات وصاروا بعدها
أعفّ الناس وأحسن الناس أخلاقًا
المشكلة الرابعة : عدم تحديد الهدف
لابد أن يكون لديك هدف حقيقي
في الحياة ولا تجعل أهم أهدافك الدنيا
صحح نيتك
لابد أن يحدث في عقلك موازنة
ما بين الهدف الإيماني والهدف الدنيوي
تذكر إنك في قبرك لن تُسأل
عن وظيفتك ومرتبك ومن زوجتك
بل السؤال سيكون :
من ربــــك ؟
ما دينــــك ؟
من نبيــــك ؟
نسأل الله أن يُثبتنا وإياكم عند السؤال
المشكلة الخامسة : البيئة المُثبطة
عندما تأخذ القرار وتبدأ في تغيير نفسك
ستجد أصدقائك وكل من حولك
يسخرون منك مما يُثقّل قدمك
فيجب أن تُغير من حولك
لأن نظرتهم مختلفه ولا تبالى بأى
سخرية أو تثبيط يأتى من هذه الناحية
المشكلة السادسة : التسويف والتردد
لا تسوف وتتردد ابدأ من الآن
فالموت لا ينتظر أحد وكم من صغار السن
قد اختطفهم الموت دون أن يعدّوا له العُدة.
اعرف طريقك
{ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ }
[التكوير :26]
فاليوم أنت قادر على أن تأخذ القرار
وتُنفذه وغــدًا الله أعلم !
هيا بنا نبدأ الان
أول خطوات للتغيير
نحتاج لمعرفة كيف نتخلص من هذه العقبات
فكانت معادلة التغيير
قواعد هذه المعادلة لعلاج مشاكل
بداية الالتزام تتلخص في قول الله تعالى
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ }
[الرعد :11]
وهذه المعادلة هى الأساس الذي سيتم به التغيير
رغــبـة + معـرفـة + ممـارسة + استـمرار = تغــيير
ولكن تذكر انه يجب أن تتحرك إنما عليك البداية وعليه التمام
رغبــــة
في البداية يجب أن يكون عندك الرغبة الشديدة
التي تدفعك للتغيير وهذه الرغبة تتولد بأشياء
كثيرة جداً وكل شخص وما يناسبه
رســائل الله لـك
بموت صديق
أو سماع موعظة
أو رؤية من يُعاقب
بسبب الذنوب
الدعـــاء
كان النبى صلى الله عليه وسلم
يدعو صباحًا مساءًا بهذا الدعاء
"اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر"
رواه مسلم
لأن هذان هما سبب تثبيطك
فالعجز أن تريد ولكن لا تستطع أن تُنفذ
والكسل أن لا تكون لديك الرغبة من الأساس
ونحن بحاجة للرغبة والقدرة معًا
الذكر
فالرغبة تنبُع من القلب وهذا القلب يجب أن يتكلم
ولن ينطق أو يتكلم وهو غافل لاه
وأنت بحاجة للذكر لكي تفيق من الغفلة
وتكون عندك رغبة حقيقية
الأحوال التي توّلد عندك الرغبه
كزيارة القبور وزيارة مستشفى
معرفـــة
والمعرفة تكون بخطوتين
1) حدد هدفك بوضوح
اكتب هذا الهدف واجعله نُصب عينيك
ويجب أن تقارن ما بين النتائج الإيجابية والسلبية
فتتولد عندك الرغبة وفي نفس الوقت القناعة العقلية
مثلاً :
تضيع منك صلاة الفجر
إذًا الهدف : المحافظة صلاة الفجر
الإيجابيات : " من صلى الفجر فهو في ذمة الله "
[ صحيح الجامع رقم 6344 ]
فيجب أن تأخذ هذه الخطوة حتى يحفظك الله سبحانه وتعالى
من الفتن خاصةً في زماننا هذا
السلبيـات : قال صلى الله عليه وسلم
" ليس صلاة أثقل على المنافق من الفجر والعشاء
ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا "
متفق عليه
فمن تركهما كان على خِصلة من خصال المنافقين
هل تحب الدرك الأسفل من النار ؟!
لا ؟!
إذًا يجب أن تتغيّر
2) وضع خطة العمل
ابحث عن المحفزات التي من الممكن أن تُشجعك
للقيام بالعمل وضع خطوات عملية وابدأ فيها
فإذا لم تأخذ القرار وتبدأ في تنفيذه
فأنت ليس لديك الرغبة للتغيير بعد
تعالوا لنضع خطة للمحافظة
على صلاة الفجر أو صلاة الجماعة
المحفزات :
قراءة الأحاديث أو سماع المحاضرات
عن فضل صلاة الفجر والجماعة والتبكير للصلاة
وأجر من يحافظ على تكبيرة الإحرام.
بعد ذلك نبدأ الخطوات العملية :
ضبط المنبة على أوقات الصلوات
وتبدأ تبحث عن أحد رفقاء الخير
لكي يأخذ بيديك وتتعاونوا معًا
ممارسة ( التطبيق )
وهذه هي أهم مرحلة
يجب أن تتحرك
إنما عليك البداية وعليه التمام
قمّ لله
خذّ الخطوة
يقول الله عز وجل في الحديث القدسي
" ومن أتاني يمشي أتيته هرولة "
رواه مسلم
لو أن عندك كوب شاي مُر المذاق
ووضعت فيه قالب سكر ولم تقلبه
وجلست بجانبه تدعو الله أن يجعل طعمه حلوًا
فهل سيتغير طعمه دون أن تُقلب السكر ؟!
هكذا هو حالنا
نريد أن ينصلح كل شيء دون أن نأخذ خطوة واحدة
فلابد أن تأخذ الخطوة وتتدرب المرة تلو المرة
ولا تيأس إذا ما واجهتك المشاكل في بداية الطريق
قال صلى الله عليه وسلم
" إن الله لا يمل حتى تملوا "
[صحيح الجامع رقم 2747]
إذًا كيف ربى النبي اصحابه ؟
أولاً : عـزّلـهم عـزلـة شعـوريـة
فقد كانوا يجتمعون في دار الأرقم بن أبي الأرقم
لكي يقرأ عليهم النبي القرآن كما أُنزل عليه ويُربيهم ويُزكيهم
وأنت أيضًا لابد لك من وقت تخلو فيه مع الله ولو نصف ساعة
تدعو الله فيها
وتُناجيه
وتُفضي إليه
بما في صدرك
ثـانيـاً : العـقـيـدة
وخاصةً أسمائه وصفاته
تعرف على ربك بالجود والكرم والإنعام والفضل والحكمة
وتعرّف على نفسك بالخسران والتفريط والتقصير والعيوب
ثـالثـاً : القـرآن
لتزكية نفسك وليُطهِّر ويُطيِّب قلبك.
الاستمرارية
هنا المشكلة مــا هى قواطع الاستمرار؟؟
الأمر الأول : القناعات السلبيــة
أنت تعتقد إنك لا يمكن أن تتغير نتيجة التجارب
التي فشلت فيها من قبل، فتشعر بالإحباط واليأس
عندما تشعر بهذا المعنى بداخلك ادفعه بحسن الظن بالله
{ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }
[ يوسف : 87 ]
فحُسن الظن هو الوقود الذي سيحركك دائمًا.
الأمر الثانى : الإسقاطات الخارجية
فأنت دائمًا تتحجج إنك لن تستطيع الاستمرار
بسبب الأهل والمجتمع ونظرة الناس
وذكريات الماضى عندما تستحضرها
تقطع عليك الطريق بينك وبين الله سبحانه وتعالى
انظر إلى مقولة شيخ الإسلام المشهورة
وكيف إنه كان ينظر نظرة إيجابية للمشاكل التي تقابله في حياته
فقد قال
" ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري
أين رحت فهي معي لا تفارقني أنا حبسي خلوة
وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة "
فهو مؤمن بالقدر
وقدر الله لا يأتى الا بخير
وكيــف سأستمر ؟!
لابد أن يكون لديك صُحبة طيبة
ومُحفِّز مُستمر كدرس العلم الذي تحضره
وأيضًا لابد أن لديك مُحفز يومي
مثل الاستماع لمحاضرة
وِرد قرآن يُنبهك ويُفيقك
وِرد ذكر
عمل برّ تنتظم فيه
كأن تكون مثلاً عضو في فريق عمل
في جمعية خيرية
أو في مجموعة على النت
أو في موقع من المواقع الطيبة
بحيث تلتزم فيها حتى تستطيع أن تتغير
أرأيتم كيف تتحقق معادلة التغيير ؟
واعلم إنك لن تتغير الا إذا كنت صادقًا
مخلصًا لله سبحانه وتعالى
وتذكر أن نماذج كثيرة جدًا كانت اسوأ منك
بمراحل وتغيرت تغُير
عجيب فى أوقات ما أقلها وأيسرها
فاستعن بالله ولا تعجز