10 كوراث ارتكبها المعزول (مرسي)






http://s.alriyadh.com/img_s/83/83de8025b3280af87ee736cc51f55e35_w400_h254.jpg

بين الكوارث العديدة التي أصابت الوطن اخترنا 10 كوارث وقعت في عهد الرئيس مرسي الذي لم يكمل عامه الأول في الحكم، تجاهل على سبيل المثال حصار المحكمة الدستورية، وتسمم الطلاب في المدن الجامعية، وغيرهما من الكوارث، لكثرة ما رصدناه من كوارث لا يتسع المقام لإجمالها... لكن هذه الكوارث التي اخترناها كاشفة لذلك الفقر والعجز في مواجهة الكوارث وإداراتها، ما يغريها بالتوحش والتغول، ويغري مرتكبيها بممارسة المزيد منها... لذا لم يكن غريباً أن يقتل في بداية عهد الرئيس جنود في رفح، ثم يتعرض جنود للاختطاف، ثم يخطف جندي ويعثر عليه مقتولا، ولم يكن غريبا أن تتشابه أزمات الإعلان الدستوري والدستور وإقالة النائب العام وقانون السلطة القضائية،
وما نتج عن هذه الأزمات من كوارث التفاصيل في السطور التالية:

الكارثة الأولى:

هذه كارثة وفق كل مقاييس الكوارث، فالرئيس الذي مضى شهر على توليه الحكم في 30 يونيو، وجد نفسه في الخامس من أغسطس أمام مشهد هجوم ضد جنود يتناولون إفطارهم في شهر رمضان، والهجوم يسفر عن مقتل 16 جنديًا مصريًا وإصابة 7 آخرين.. الهجوم الذي شنّه مسلحون بمنطقة رفح بسيناء يقع قرب الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة، ما يجعل له أهمية بالغة في دلالته وآثاره.. وفور وقوع الحادث وجدها الرئيس فرصة سانحة للخلاص من قادة الجيش المشير طنطاوي وزير الدفاع وسامي عنان رئيس الأركان، والغريب أن أنصار الرئيس اعتبروا هذا نصراً وإنجازاً قد يصل للإعجاز، معتبرين ما حدث إنهاء للحكم العسكري لمصر الذي من المفترض أنه انتهى بانتخاب الرئيس مرسي، وليس بإقالة هؤلاء القادة... لكن الإنجاز الحقيقي في إدارة هذه الأزمة كان يكمن في القبض على الجناة أو تحديد هويتهم، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن رسمياً، وإن كانت ثمة تسريبات حدثت من هنا وهناك تتحدث عن أسماء بعينها تضم أسماء من حماس ومعهم تكفيريون مصريون، لكن هذه التسريبات لم تجد تأكيداً أو نفياً رسميا... وبقيت الجريمة الكارثة دون عقاب، ما جعل تكرارها محتملاً ولو في صور أخرى تستهدف الجنود، وهو ما حدث لاحقاً بالفعل، ما يعني أن إدارة الكارثة حتى كتابة هذه السطور فاشلة بامتياز، فالمجرم حتى الآن طليق، والقصاص للضحايا لم يحدث.

الكارثة الثانية:

الذين يحاولون التأريخ للثورة وتتبع أحداثها، يدركون أن مشهد 19 نوفمبر 2012 الكارثي الذي جرت وقائعه في شارع محمد محمود، مشهد فارق، فهو ببساطة كشف عن أن الثورة نزيف مستمر، وأن وصول الرئيس مرسي للسلطة لن يوقف نزيف شبابها، ففي هذا اليوم اندلعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يحيون الذكرى السنوية الأولى للحدث المعروف إعلامياً بأحداث "محمد محمود" التي أوقعت قتلى وجرحى في مواجهات مع الشرطة من قبل.. وتوقع الكثيرون أن تجري معالجة مختلفة للحدث تختبر فكرة أن المؤسسات بدأت تتغير بوصول رئيس مدني منتخب للسلطة، لكن ما جرى كشف أن المؤسسات تسير على ذات عقيدتها السابقة، ما أوقع جرحى بالمئات في هذه الاشتباكات (150 جريحاً تقريباً)، ثم مقتل شخصين في ذات الأحداث. وهذا الحدث تحديداً أحدث شرخاً بين الرئيس وشباب الثورة، وكشف عن اعتقاد جماعة الإخوان المسلمين بأن الثورة انتهت، وأن ما تسعى إليه الجماعة بعد وصولها للسلطة لا يزيد عن كونه إصلاحاً وفق رؤيتها، وثمة فارق كبير بين فكرة الثورة وفكرة الإصلاح، اتضحت بل تجسدت ملامحه جلية في ما بعد في استمرار ذات النهج الذي كانت تسير عليه المؤسسات في عهد مبارك، بما في ذلك النهج الذي تسير وفقه المؤسسة الأمنية في التعامل مع المواطن المصري، ولهذا لم يكن غريبا وقوع جرائم تعذيب وإهدار للكرامة الإنسانية في بعض أقسام الشرطة ومراكزها.

الكارثة الثالثه:

في الـ21 من نوفمبر 2012 بدا الرئيس مرسي ليس كفرعون جديد، بل كحاكم يستدعي صورة الحاكم الإله، ليستحدث سلطات لنفسه كانت ولا تزال مدعاة للذهول، فالرئيس وفق الإعلان الدستوري الكارثي الذي أصدره بنفسه ولنفسه، صار فوق المساءلة، فوفق هذا الإعلان الدستوري الكارثي الذي أصدره الرئيس صارت قرارات الرئيس محصنة من الطعن عليها أمام القضاء، بل هي مقدسة واجبة التنفيذ، وتضمنت استعادة الرئيس لصلاحياته كاملة بما فيها التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها. وتضمن الإعلان الدستوري إقالة النائب العام ومنع القضاء من نظر دعاوى قضائية بعينها كحل مجلس الشعب وحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. وأفرزت كارثة الإعلان الدستوري كوارث أخرى تجسدت في صورة احتجاجات قوية للمعارضة، وتفاقم الخلاف بين الرئيس (السلطة التنفيذية) وبين السلطة القضائية، وأعلنت بعض المحاكم تعليق العمل، وتفجرت أعمال عنف غاضبة ضد الرئيس وجماعته (الإخوان المسلمين) وحزبه (الحرية والعدالة)، فشهدت الساحة المصرية حرقاً لمقرات جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة في عدة مدن، ما فتح الباب لعنف متبادل لا تزال مصر تكتوي بناره حتى الآن.

الكارثة الرابعة:

أسوأ مشهد يمكن أن يظهر فيه نظام حاكم هو الارتباك الظاهر في قرار وموقف ومشهد واحد، وقد تجلى هذا في عهد الرئيس مرسي في التعامل مع قضية النائب العام عبدلمجيد محمود، فقد كان ثمة غضب من شباب الثورة من استمراره باعتباره من عهد الرئيس السابق مبارك، لكن مشهد الإقالة واستبداله بقرار منفرد من الرئيس، جاء بنتائج عكسية عن تلك المرجوة منه، فمنذ إقالة النائب العام عبدالمجيد في نهاية نوفمبر 2012 وحتى الآن، وقضيته تزداد تعقيداً، ففي البداية تم تغليف قرار الإقالة دون الرجوع للمجلس الأعلى للقضاء باعتباره اختيارا لمنصب سفير لمصر في الفاتيكان، لكن الأمر لم يمر، بل أشعل غضب القضاة وأعضاء النيابة العامة، وبالتالي تم التراجع عن القرار في مشهد درامي مأساوي لم يستمر طويلاً، فقد جرى بالفعل إقالة للنائب العام بإعلان دستوري معدل وتعيين المستشار طلعت عبدالله بدلاً منه، وتوالت الاحتجاجات والنائب العام الجديد يعلن استقالته ثم يتراجع عنها كونها وقعت تحت الضغط والإكراه، ثم تأخذ القضية صورة صراع قانوني، ويصدر حكم للنائب العام السابق عبدالمجيد محمود بالعودة، ولا ينفذ، بل يطعن عليه، وتفشل حتى الآن كل محاولة علاج الكارثة التي أساءت لجلال منصب النائب العام، ودوره الجليل في المنظومة القضائية المصرية، وحتى الآن لا يوجد تصور واضح لاحتواء هذه الكارثة.

الكارثة الخامسة:

لا يمكن اعتبار كارثة الدستور أقل من كارثة الإعلان الدستور، فقد افتقد الدستور التوافق اللازم والشامل له، بل وافتقد الصياغة التي من شأنها أن تمنع وقوع إشكاليات قانونية يصعب التعامل معها، وهو ما برز في كونه يفتح الباب واسعا للفلول للترشح للبرلمان بنص اعتقد واضعوه أنهم أغلقوا الباب به أمام ترشح أي فل للانتخابات القادمة،
وقد برز عدم التوافق على هذا الدستور خلال انسحاب 31 عضوًا، من بين 100 عضو، من الجمعية التأسيسية لصياغته، احتجاجا على ما وصفوه بهيمنة التيار الإسلامي عليه، وتوالت بعدها الاعتراضات من جانب كافة القوى السياسية على إقراره والاستفتاء عليه في شهر ديسمبر. ثم التشكيك في نزاهة النتيجة التي حسمت لصالح نعم بنسبة قليلة في ما يتعلق بالموافقة على الدساتير.

الكارثة السادسة:

لأول مرة في تاريخ مصر المعاصر يسقط قتلى على أبواب القصر الجمهوري، وهو مشهد كارثي لم يحدث لا في الثورة الأولى "يوليو 1952"، ولا الثورة الثانية "يناير 2011"، لكنه حدث في عهد الرئيس مرسي في ديسمبر 2012.. كانت البداية اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للرئيس مرسي الذي بدأ عهده بصدر مفتوح في ميدان التحرير، في مشهد لم ولن يتكرر تالياً. الاشتباكات وقعت أمام قصر الاتحادية الرئاسي، وكانت اعتراضاً على الإعلان الدستوري المشؤوم وغير المدروس الذي أصدره الرئيس... الأحداث أدت إلى سقوط 8 قتلى معظمهم من الإخوان، ومقتل الصحفي الحسيني أبو ضيف متأثراً بإصابته المقصودة أثناء تغطيته للأحداث أمام القصر. وقد تلى أحداث الاتحادية استقالة عدد من مستشاري الرئيس، ولكن الرئيس لم يهتم، فقد كان المستشارون مجرد ديكور ليس أكثر.. وبقي قصر الاتحادية حتى الآن هدفاً لأعمال عنف متكررة تواجهها الرئاسة بتعلية الأسوار وتقوية الجدران.

الكارثة السابعة:

هو ذاته مرشد الإخوان السابق محمد مهدي عاكف.. بالونة الاختبار الكاشفة التي يطلقها الإخوان لجس النبض.. حوار مع طلبة كشف أو بالأدق سرب بالونة اختبار إخوانية للخلاص من 3500 قاضٍ من خلال تخفيض سن القضاة من 70 عاما إلى 60 عاما، مما يؤدي إلى إحلال هذا العدد بمحامين وأساتذة جامعات من الإخوان المسلمين... على إثر التصريحات تدخل المجلس الأعلى للقضاة، وتواصل مع الرئاسة، لكن العجلة كانت تدور، وفوجئ الجميع بقانون للسلطة القضائية قدمه غير مختص "حزب الوسط" لمجلس باطل لا يحق له مناقشته، وتصاعدت الأزمة، وتدخل الرئيس حتى بدا كأنه ليس بمقدوره اتخاذ قرار، فقد دعا لمؤتمر العدالة لمناقشة كافة قوانين الهيئات القضائية، ثم لم يتم مؤتمر العدالة، وفوجئ القضاة بجلسة عاجلة لمجلس الشورى لمناقشة تعديل قانون السلطة القضائية والموافقة عليه من حيث المبدأ، مما أفقد مؤسسة القضاة الثقة في وعد مؤسسة الرئاسة لها، فعقد القضاة اجتماعات عاجلة من بينها اجتماع عاجل للجمعية العمومية لمحكمة النقض، ترتب عليه إلغاء مؤتمر القضاة، وتم تدويل القضية من قبل نادي قضاة مصر، ولا تزال الكارثة مستمرة.

الكارثة الثامنة:

بينما كانت آثار دماء أشلاء عشرات الأطفال من طلبة الأزهر بأسيوط بعد أن دهسهم القطار في مزلقان داخل أتوبيس، جاءت كارثة مقتل 19 مجنداً، وإصابة 107 آخرين، في حادث تصادم قطاري البدرشين بمحافظة الجيزة، كاشفة عن حالة الإهمال والتسيب في ما يتعلق بأرواح الناس وحياتهم.. كوارث يطويها النسيان وكأن الضحية لم يكن إنساناً..

الكارثة التاسعة:

قضية اختطاف الجنود السبعة المصريين وما تبعها من تداعيات تعد بحسب كثيرين بمثابة أخطر كارثة واجهت الرئيس محمد مرسي، وهددت حكمه، وقد زاد من سخونة الموقف مقطع الفيديو الذي أظهر الجنود المختطفين يناشدون الرئيس الإفراج عنهم، فقد اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن شبه جزيرة سيناء أصبحت شوكة في خاصرة نظام الرئيس مرسي، بداية من قتل 16 من أفراد الأمن المصري، من قبل مجهولين عند نقطة تفتيش على طول الحدود بين مصر وإسرائيل، لم يتم القصاص لهم، مروراً باستمرار حالات الخطف والقتل، التي كان آخرها الجندي المختطف مختار عصام السيد، الذي تم العثور عليه مقتولا وجثته ملقاة بجانب شريط القطار لمحطة مشيفة ببراني.

ولا يزال الرأي العام يتساءل: من خطف الجنود؟ ومن قتل عصام؟ ولاشك أن أسئلة أخرى كثيرة ستتوالى لن يلغيها أو يطفئها مشهد استقبال الجنود من جانب الرئيس وقيادات الدولة، والذي لا شك قد ساهم بصورة مؤقتة في تحسين صورة الرئيس، لكنه تحسين لم يدم طويلاً، فالرأي العام دخلته وساوس عدة حول المشهد، ما دعا البعض لوصفه بالفيلم الهندي، لكنه وصف يفتقد الدليل، لكن عدم القبض على الجناة قد يصير هو الدليل على صدق الوساوس التي تعبث بعقول الناس بشأن هذه الكارثة التي كغيرها من الكوارث الغامضة في عهد الرئيس، ما تزال بانتظار التفسير المناسب لها.

معروف أن الجناة اختطفوا الجنود بينما كانوا عائدين من إجازة إلى معسكرات الخدمة العسكرية والشرطية في سيناء بلا تسليح.. لكن الإفراج عنهم لا يزال يكتنفه الكثير من الغموض.

الكارثة العاشرة:

بينما الرئيس مرسي عائد للتو من إثيوبيا إذا بالإثيوبيين يعلنون بليل تحويل مجرى النيل الأزرق، والبدء في بناء سد النهضة، وهو كارثة مهما كان التخفيف أو التلطيف من آثارها، ليس فقط لتأثيره على حصة مصر من مياه النيل، لكن الأخطر لاعتقاد إثيوبيا في ضعف مصر بعد الثورة، وهو ما برز في تعليقات كتابها وإعلامها، كان الأمر يتطلب مواجهة من الرئيس للكارثة عبر أجهزة ومؤسسات الدولة المختصة، لكن الرئيس دعا ما يسمى بالقوى السياسية، وهو تعبير غريب، حيث لم يحضر أي حزب أو شخصية مؤثرة على الساحة، واكتملت المهزلة بإذاعة اللقاء على الهواء دون علم الحضور، وهو ما يطرح علامات استفهام عديدة بشأن الرسالة التي يريد الرئيس إيصالها من هذا البث المباشر دون علم الحضور، ولهذا فإن ما حدث خلال اجتماع الرئيس محمد مرسي مع ما سمي بالقوى الوطنية، بشأن سد النهضة، لا علاقة له بأساليب إدارة الدولة، ولا بكيفية التعامل مع مسائل الأمن القومي. ومن هنا فليس غريبا أن تحدث مهاترات واقتراحات ترقي إلى الهزل، مثل الاقتراح ببث شائعات والتطاول على السودان، والاجتماع برمته أرسل رسالة سلبية لإثيوبيا، وإن كان يطمئن الأمريكان بأن مصر لن تقدم على رد فعل قوي، وربما تكون هذه هي الرسالة التي أُريد إرسالها رسميا من خلال هذا الاجتماع... وقد وصلت الرسالة.

هو بلاء وقد نزل على الوطن

0 التعليقات:

إرسال تعليق