عتاة مجرمين .. وقلوب قست بعد الإيمان
غرق فرعون وهامان وجنودهما وحاشيتهما .. وأدرك اللعين قبحه الله الذى طغى
وتكبر على آيات الله وادعى أنه رب وإله : أدرك أنه عبداً ذليلاً صاغراً ومقهورا من الله
هؤلاء هم الفراعنة الشداد الذين طغواْ فى البلاد فأكثروا فيها الفساد وقد كانوا ذو مجدٍ
عظيم وحضارة عريقة وعلوم فريدة عزّ نظيرها وقلما يوجد مثيلها ..
والتى قال الله عنها :
{كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ }
*************
ملكت بنو اسرائيل هذا المجد و الملك العظيم بعد أن كان مستضعفين فى مشارق
الأرض ومغاربِها ..
فبعد أن كانوا مقهورين من فرعون وهامان وجنودهما يذبحون أبناءهم ويستحون
نساءهم ويسومونَهم سوء العذاب فقد نجاهم الله من الغرق وأنجاهم من فرعون
وعمله وأورثهم كنوزه وأمواله وعيونه وجنانه وكل آثاره ..
*************
سار بِهم نبى الله موسى عليه السلام وأثناء مسيرهم رأوا قوماً عاكفين على عبادة غير
الله يعبدون آلهة من أصنامٍ وأوثانٍ من دون الله .. فقالوا لنبى الله : اجعل لنا إله كما
لهم آلهة .. فوعظهم سيدنا موسى عليه السلام وأمرهم بالهداية وعدم الشرك بالله وذكرهم
بأن الله نجاهم من الغرق وجعلهم ملوكاً تملكوا أمرهم بعد أن كان فرعون وجنده يقومون
بالتنكيل بِهم .. فآبوا وتابوا إلى الله ..
*****
نزلوا طور سيناء وطلبوا المأكل والمشرب .. فأنزل الله عليهم المن والسلوى ليأكلون ..
وضرب لهم سيدنا موسى الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ليشربون .. وأظلهم
الله بالغمام ليتقوا وهج الشمس وحرها
فقالوا لنبى الله : أننا لن نصبر على هذا الطعام الذى يأتينا من السماء .. وطلبوا أن
ينبت الله لهم بقل وقثاء وفوم وعدس وبصل فى هذه الأرض ليأكلوا منها .. فقال لهم
نبى الله : أتستبدلون الرزق الذى يأتيكم من السماء بما هو أدنى .. فأصروا على
ماطلبوا .. فقال لهم اهبطوا مصر وستجدوا ما تطلبون ..
*****
أناب سيدنا موسى عليه السلام أخاه سيدنا هارون فى قومه .. وتفرغ للتوجه للقاء ربه فى
الميقات الذى أمره الله به .. صام ثلاثين ليلة ثم عشر ليال أخرى حتى أكمل الأربعين ليلة ..
*****
أتى إلى القوم رجلاً يدعى السامرى صاغ لهم تمثالاً من حلىٍ على هيئة عجل وجعل له
صوتاً وخواراً فكان يخور كخوار العجل فقال لهم : هذا العجل : إلهكم وإله موسى ..
فصدقوه ولم يكذبوه وعكفوا عليه ليعبدوه .. وعظهم سيدنا هارون عليه السلام وبيّن
لهم طغيانَهم وغيهم والفتنة التى قد تلحق بِهم من جراء اتباعهم لهذا الضلال .. فلم
يثنِهم ما قال وظلوا على عنادهم .. وقالوا سنظل عليه عاكفين حتى يرجع إليهم موسى
من ميقات ربه ..
حاول نبى الله هارون ردعهم فأضمروا له الكيد وأزمعوا على قتله إن لم يتركهم وإلههم
*****
صعد سيدنا موسى عليه السلام إلى جبل طور سيناء لمناجاة ومناداة ربه وهو فى مقام
رفيع ومكانة علية ومرتبة سنية .. أنزل الله عليه الألواح وآيات التوراة لتكون حكماً لهم
ابتهل سيدنا موسى إلى الله فقال : رب أرنى أنظر إليك .. فقال له سبحانه وتعالى إنه لن
يراه وأمره أن ينظر إلى الجبل فإن ظل واستقر فسوف يراه فلما تجلى الله جل سناه
على الجبل جعله دكاً وخرّ موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك .. وتاب إلى الله ..
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ
إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى
صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }
********
رجع سيدنا موسى إلى قومه وعلم بالفتنة التى فتنوا بِها وما أضلهم به السامرى ..
عنّف أخيه هارون على تركه للقوم يعبدون غير ربّهم وغضب غضباً شديدا من صنعهم
القبيح وعملهم الذميم .. فطلبوا منه التوبة والغفران .. فقال لهم .. من اتخذ العجل إله
ويريد التوبة إلى الله فعليه أن يقتل نفسه .. وبين لهم أن هذا ما أنزله الله فى التوراة ..
ففسقوا وظلموا وقالوا لنبيهم : أرنا الله ..
فأخذتْهم الصاعقة .. فطلبوا العفو والمغفرة .. فأوحى الله إلى سيدنا موسى : أن يختار
منهم سبعين رجلاً لميقات يومٍ معلوم يأتون فيه بالجانب الأيمن من جبل الطور ..
صاموا ثم توجهوا فى الميقات .. رفع الله الجبل فوق رؤؤسهم كأنه ظلة حتى ظنوا أنه
واقع عليهم فأوحى الله إليهم أن يأخذوا بما أمرهم به نبيهم وأن يقتلوا أنفسهم ليعفو
عنهم ويغفر لهم ..
*****
اختلف القوم فى أمر نفس قتلت ولم يُعرف لها قاتلا .. فاختصموا فيها وأتوا إلى نبى الله
موسى عليه السلام يطلبون معرفة القاتل فأمرهم أن يذبحوا بقرة .. أى بقرة .. فقالوا
له : أتتخذنا هزوا نسألك عن القاتل فتقول لنا اذبحوا بقرة .. فقال لهم : افعلوا ما تؤمرون .
عاندوا وتكبروا ثم أتوا إلى نبى الله ليسألوه عن وصفها فقال لهم .. إنّها بقرة ليست
هرِمة ولا صغيرة بل هى عوان بين ذلك .. فعتوْا وعادوا إلى نبى الله يسألونه : ما
لونُها .. فأجابَهم سيدنا موسى بأنّها بقرة صفراء فاقع لونٌها تسر الناظرين .. عادوا
وهم يقدمون مشيئة الله فقالوا لنبى الله : إن البقر تشابه علينا فاهدنا إليها وإنا إن شاء
الله لمهتدون .. فقال لهم نبى الله : إنّها بقرة لا عيب فيها ليست مذللة للحرث ولا معدة
للسقيا .. فأتوا بِها إليه ..
قال لهم سيدنا موسى اذبحوها .. امتعضوا وترددوا وكادوا أن يمتنعوا عن ذبحها
وكادوا لايفعلون إلا أنّهم آبوا إلى رشدهم وذبحوها .. أمرهم نبى الله أن يأتوا ببعضٍ
من أعضائها وأن يضربوا القتيل بأى جزءٍ من أجزائها .. ففعلوا ما أمرهم نبى الله به
فأحيا الله القتيل وأخبرعن قاتله ثم عاد إلى موته ..
**********
هابوا دخول بيت المقدس للقتال فى سبيل الله ضد الكافرين الذين أبوا وحدانية الله
وقالوا لنبى الله : إن فيها قوماً جبارين فإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ..
وعظهم نبى الله وذكرهم بفضل الله الذى آتاهم ونعمه التى وهبها لهم فقست قلوبُهم
وظلوا على عنادهم وكفرهم وقالوا إذهب أنت وربك ياموسى فقاتلا أما نحن فها هنا
قاعدون ..
وعظهم رجلين صالحين فقالوا لهم توكلوا على الله وسنكون نحن الغالبين إن شاء
الله .. إلا أنّهم أصروا ونكصوا وأطبق عليهم الخنوع والخضوع عن القتال لرفع راية
وحدانية الله ..
دخل نبى الله بمن استجاب منهم وقد أمرهم أن يدخلوا بيت المقدس وهم داعين
ومستغفرين وساجدين لله ولكنهم خالفوا ما أمرهم به نبيهم ورسولهم ..
كتب الله على من قست قلوبُهم أن يظلوا فى الأرض أربعين سنة تائهين هائمين بلا
هدى ولا مقصد لا يعرفون لهم طريقا ولا يعلمون لهم سبيلا ليلا أونَهارا صباحا أو
مساء ليس لهم دار ولا مأوى ولا قرار ..
*******
ومضى زمان وزمان .. كذبوا فيه أنبياء ومرسلين وقتلوا أنبياء آخرين ..
إلى أن أرسل الله إليهم سيدنا عيسى عليهم السلام نبياً ورسولاً .. :
*******
ففى عصر سيدنا زكريا عليه السلام .. نذرت امرأة عمران أن يكون ما فى بطنها محرراً
لله وابتهلت إلى الله أن يتقبل نذرها .. وأتمت حملها ووضعتها وسمّتها مريم وأعاذتْها
بالله من الشيطان الرجيم ..
استجاب الله دعاءها وتقبل نذرها فأنبت الله السيدة مريم عليها السلام نباتاً حسناً
وطهرها سبحانه وتعالى وأظلها بظله وحفظها ورعاها واصطفاها الله على نساءالعالمين
فكفلها سيدنا زكريا عليه السلام .. وشبّت واتخذت محراباً لعبادة ربّها فكانت من الراكعين
والساجدين والقانتين لله .. فأتتها الملائكة وهى فى محرابِها تبشرها بكلمة الله
وهو سيدنا عيسى عليه السلام ..
قالت لها الملائكة عنه : أنه سيكون وجيهاً فى الدنيا والآخرة .. وسيكون من المقربين
لله .. وسيكلم الناس وهو فى مهده وصباه .. وسيعلمه الله الكتاب والحكمة والتوراة
والإنجيل .. وأنه سيكون نبياً ورسولاً إلى بنى قومه وهم بنى إسرائيل ..
اتجهت إلى الله بدعائها تتساءل وهى حزينة متحسرة : كيف يكون لى ولد ولم يمسسنى
بشر .. !!
فأخبرتْها الملائكة بأن الله قد اختارها لتكون هى وابنها آية العالمين .. واصطفاها سبحانه
وتعالى من دون النساء لما قدره وقضاه .. وإذا قضى الله أمراً فإنما يقول له كن فيكون ..
فامتثلت السيدة مريم عليها السلام لما أمر وقضى به الله .. وكتمت ما تشعر به وما ينتابُها
وقالت وكأنّها تكلم نفسها : أنّى وكيف يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغياً .. !!
جاءها النفخ من روح الله .. وأدركت حملها بنبى الله ..
اتخذت مكاناً بعيداً نائياً قاصياً لتحتجب فيه عن الناس ..
جاءها المخاض وهى بجوار جذع النخلة .. تمنت الموت قبل أن تلد ورجَت من الله أنْ
ياليتها لم تكن فى هذه الحياة ..
{ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }
ولدت السيدة مريم بنبى الله عيسى عليهما السلام والملائكة تحوطهما بالرعاية وتكلأهما
بالعناية وجاءها النداء من الله ألا تحزن ولا تأسى على اصطفائها وما وهبهاالله ..
أوحى الله إليها أن تَهز بجذع النخلة وسيتساقط عليها رطباً جنياً سيكون طعاماًوشراباً
لها بأمرٍ من الله ..
أتت إلى القوم وهى تحمل ولدها وقد أوحى الله إليها إذا رأت بشراً أن تصمت عن الكلام
وأن تشير إلى ابنها وهو على كتفها .. فأشارت إليه .. قالوا كيف نكلم من كان فى
المهد صبيا .. فأنطقه الله وتكلم وهو فى مهده وصباه :
{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ
وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً
بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }
من القوم : من تيقن وأيقن بما رأى وسمع أن سيدنا عيسى وأمه آية من آيات الله ..
ومنهم : عمت أبصارهم وصمت آذانُهم عما رأواْ وما سمعوا .. هؤلاء كانوا فسقةً
كافرين كانوا فجاراً وأشراراً اتجهوا إلى رمى السيدة مريم بالإفك والباطل والبهتان ..كان
قولهم أثيم وبُهتانُهم عليها عظيم .. هؤلاء قد جثم الشرك على قلوبِهم وأطبق الرجس على
عقولهم .. فلعنة الله عليهم إلى يوم الدين ..
{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً }
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ
امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً }
************
شبّ سيدنا عيسى عليه السلام وأرسله الله برسالته وأمره ببلاغ دعوته بوحدانية الله
وبأن لا إله إلا الله ..
آمنت به طائفة نصرته وآزرته .. وكفرت به طائفة : أنكروا نبوته ورسالته .. فدعاهم
إلى الإيمان بالله وعدم الإفتراء على الله وأن لا يشركوا مع الله إله فكذبوه ولم يؤمنوا
بدعوته ..
أتاهم بآيات ومعجزات من الله .. :
فأحيا لهم من كان ميْتاً .. صور لهم الطير ونفخ فيه فكان طيراً .. أبرأ الأعمى فصار
بصيراً .. شفى الأبرص فأصبح معافاً .. : بأمر وإذن من الله .. فاتّهموه بالكذب وقالوا
عنه أنه ساحر ..
أخبرهم بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتِهم .. دعا الله لهم بأن ينزل لهم مائدة من
السماء تطمئن بِها قلوبِهم ولتكون عيداً لأولهم وآخرهم .. ولكنهم ظلوا على ضلالهم
وعنادهم ..
وأضمروا له الكيد ونصبوا له الغوائل وعزموا على قتله وهَمّوا بالدخول عليه فرفعه
الله إليه وألقى شبهه على بعضٍ منهم فقتلوه وصلبوه .. فقالوا إفكاً وزورا أنّهم : قتلوا
وصلبوا نبى الله ثم اختلفوا فيما بينهم :
منهم : من قال مثل قولهم بأنّهم : .. قاموا بقتل وصلب نبى الله ورسوله سيدنا عيسى
عليه السلام ..
ومنهم من قال : .. أن ابن الله عيسى كان فينا ثم رفعه الله إليه ..
ومنهم من قال : .. أن الله هو الذى كان بيننا ثم صعد إلى السماء ..
{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }
{ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ }
وبعد أن طهر الله نبى الله عيسى عليه السلام ورفعه إليه .. قاموا بالتغيير فى الإنجيل
على عدة أقاويل ما بين زيادة ونقصان وما بين تحريف وتبديل ..
ساء ما يحكمون .. وتعالى الله عما يصفون .. كيف لاينزهون الله مما به يقولون .. ؟ !!
إنه لااجتراء وافتراء .. ..
لقد أطلقوا لبغيهم العنان وقالوا ما قالوا دون برهان ودون علم أو سلطان ..
إنّهم لايرجون ثواباً ولا يخافون عقاباً وسيظلون يعيثون فى الأرض فساداً فهذا هو ما
قضاه الله فيهم .. فقد قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه ومحكم آياته :
{كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً }
أما الطائفة التى نصرته وآزرته فقد آمنت بما أوحى إليه وما أنزل عليه وأيقنوا أن الله
قد رفعه إليه ..
{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ }
*************
فيا أخى الكريم :
إن قوم بنى إسرائيل من اليهود والنصارى قد خالفوا ما أمرهم به نبى الله سيدنا موسى
عليه السلام .. قست قلوبُهم من بعد إيمانِهم وأنكروا الفضل الذى أتاهم الله وفضلهم
به على كافة خلق الله .. فأصبحوا قوم بُهت وضلال ..
أرسل الله إليهم أنبياءً آخرين فريقاً كذبوه .. وفريقاً آخر قتلوه ..
أرسل الله إليهم سيدنا عيسى عليه السلام .. رموه بالسحر والباطل وكذبوا بآياته
ومعجزاته ..
أرسل الله إليهم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. فأنكروه
ولم يصدقوه ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وهم يعلمون .. ولم يؤمنوا بدين الله الذى
أمرهم به رب العالمين ..
*************
أسيظلون جاهلين غير مهتدين للشرك مذعنين وفى الغى والضلال قابعين .. ؟ !
فهؤلاء هم وكل من نَهج نَهجهم وسار على دربِهم .. ظلموا أنفسهم ونسوا الفطرة
التى فطرها الله لهم واشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة وزاغوا
ومالوا عن الهدى والإستقامة ..
لم يعوا أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسله الله رحمة لهم ولكل
العالمين ..
لم يعوا أن رسالة الإسلام قد جاءت من الله نعمة فجحدها الضالين لأنّهم لا يريدون إلا
النقمة ..
جاءت تَهديهم إلى جنة النعيم إلا أنّهم يصرون على العذاب الأليم ..
فألا يستحقون سكنى الجحيم .. ألا يستحقون أن يظلوا فى النار خالدين ..
فمن كفر ليس كمن آمن ومن اجترح السيئات ليس كمن آمن وعمل الصالحات ..
هل يستوى الأحياء مع الأموات .. هل يستوى الأعمى والبصير .. هل يستوى الظل
والحرور .. هل تستوى الظلمات والنور ..